الاسلام دين الرحمه
والمؤمنون بهذا الدين لم يجدوا لأنفسهم اسمًا أفضل من أن يكونوا المسلمين ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس)(الحج: من الآية78).
وحقيقة هذا الدين ولبه الإسلام لرب العالمين ( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:112)، ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) (البقرة:131)
( وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)(الأنعام: من الآية71) .
وتحية أهل الإسلام فيما بينهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته – وختام الصلاة عندهم سلام على اليمين وسلام على اليسار وسلام في الأمام إن كانوا يصلون خلف إمام كأنهم يبدأون أهل الدنيا من كل نواحيها بالسلام بعد أن فارقوها بخواطرهم لحظات انصرفوا فيها لمناجاة الله الملك العلام .
وقد نزل القرآن الكريم في ليلة كله سلام تحف به ملائكة السلام
( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1)
( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) (القدر:2)
( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (القدر:3)
( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر ٍ) (القدر:4 )
( سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) (القدر:5)
وأفضل ما يلقى الله به عباده تحية السلام ( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ) (الأحزاب:44)
وخير ما يستقبل الملائكة به الصالحين من عباد الله في جنة السلام ( وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ)(الرعد: من الآية23) (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (الرعد:24) ، والجنة نفسها اسمها دار السلام ( لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:127)
( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (يونس:25)
والله تبارك وتعالى اسمه السلام ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلام )(الحشر: من الآية23) ولن يتأخر المسلم عن الاستجابة لدعوة السلام ولن يردها أبدًا(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (لأنفال:61) (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) (لأنفال:62) ( لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ )(النساء: من الآية94) .
وليست في الدنيا شريعة دينية ولا نظام اجتماعي فرض السلام تدريبًا عمليًا واعتبره شعيرة من شعائره وركنًا من أركانه كما فرض الإسلام رياضة النفس على السلام بالإحرام في الحج، فمتى أهلّ المسلم به فقد حرم عليه منذ تلك اللحظة أن يقص ظفراً أو يحلق شعراً أو يقطع نباتاً أو يعضد شجراً أو يقتل حيواناً أو يرمى صيداً أو يؤذي أحداً بيد أو لسان حتى ولو وجد قاتل أبيه وجهاً لوجه لما استطاع أن يمسه بشئ (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ)(البقرة: من الآية197) فهو بذا الإحرام قد أصبح سلماً لنفسه سلماً لغيره من إنسان أو حيوان أو نبات .
والإسلام دين الرحمة .
فهي قرين السلام في تحية المسلمين .
ونبي الإسلام إنما أرسله الله رحمة للعالمين
.
وشعار المسلم الذي يردده قب كل قول أو عمل بسم الله الرحمن الرحيم .
والوصية بين المؤمنين الصبر والمرحمة(ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (البلد:17) (أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) (البلد:18)
.وآيات القرآن الكريم
وأحاديث الرسول محمد r وأعماله وتصرفاته كلها تدل على سمو منزلة الرحمة بين الأخلاق التى يأمر بها هذا الدين .
لقد فتحت أبواب الجنة وشملت مغفرة الله تالى ومنته رجلاً سقى كلباً يلهث يأكل الثرى من العطش . روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله
r : ( بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج وإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ منى فنزل البئر فملأ خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله تعالى له فغفر له . قالوا يا رسول الله : وإن لنا في البهائم أجراً ؟ قال : في كل كبد رطبة أجر ) .
وفتحت أبواب النار لامرأة حبست هرة وقست علا . روى البخاري ومسلم أن ابن عمر قال : قال رسول الله r : ( دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) .
ومن قبل أن تنشأ جمعيات الرفق بالحيوان
في أوربا أو غيرها، كان الرفق بالحيوان شعار الدين الإسلامي ووصية النبي r لكل مسلم . عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r ( لا تتخذوا ظهور دوابكم منابر إنما سخرها الله لكم لتبلغوا إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلاّ بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم ) رواه أبو داود .
وعن عبدالرحن بن عبدالله عن أبيه t قال : ( كنا مع رسول الله rفي سفر فرأينا حمرة معها فرخان لها فأخذناهما فجاءت الحمرة تعرش فلما جاء رسول الله rقال : ( من فجع هذه بولده ردوا ولدها إليها . ورأى قرية نمل قد أحرقناها فقال : من أحرق هذه ؟ قلنا نحن ! قال : إنه لا ينبغى أن يعذب بالنار إلا رب النار ) أخرجه أبو داود أيضاً .
وروى ابن عبدالحكم في سيرة عمر بن عبدالعزيز t أنه نهى عن ركض الفرس إلاّ لحاجة وأنه كتب إلى صاحب السكك ألا يحملوا أحداً بلجام ثقيل ولا ينخس بمقرعة في أسفلها حديدة – وكتب إلى حيان بمصر أنه بلغني أن بمصر إبلاً نقالات يحمل على البعير منها ألف رطل فإذا أتاك كتابي هذا فلا أعرفن أنه يحمل على البعير أكثر من ستمائة رطل .
وإنما سمى الفسطاط مصر القديمة بذلك لأن فسطاط عمرو بن العاص
حين الفتح اتخذت من أعلاه حمامة عشاً لها فلم يشأ عمرو أن يهيجها بتقويضه فتركه وتتابع العمران من حوله فكانت مدينة الفسطاط .
وما ذلك كله إلاّ أثراً من آثار الرحمة التى يشيعها الإسلام في نفوس المؤمنين، فهو ولا شك دين الرحمة، وهو ولا شك دين السلام